يستعرض تاريخ البلدية
ضمن الموسم الثقافي بكلية التربية الأساسية
د. الغضبان: يجب الاستفادة من تجارب الأوائل
لحل صعوبات الحاضر
إعداد:طلال سعد الرميضي
تاريخ المؤسسات بالكويت حافل وذو دور أساسي في نهضة الكويت الحديثة ومن هذا المنطلق تعد تجربة البلدية من التجارب الثرية التي تعد اعتزازاً وفخرا بالرواد الأوائل من الجيل الماضي.
وقد ألقى استاذ التاريخ الحديث في قسم الدراسات الاجتماعية بكلية التربية الأساسية الدكتور موسى الغضبان محاضرة تاريخية تحت عنوان «بلدية الكويت النشأة والتطور» ضمن نشاطات الموسم الثقافي التاسع والعشرين بكلية التربية الأساسية وتحت رعاية الدكتورة دلال الهدهود عميد كلية التربية الأساسية.
وتناول د. الغضبان تاريخ نشأة هذه المؤسسة العريقة بالكويت وتطورها عبر السنوات الماضية.
ويقول الدكتور موسى الغضبان:
بأن تاريخ بلدية الكويت جزء من تاريخ المؤسسات في الكويت، وهو يندرج ضمن المساعي المبذولة للاهتمام بكتابة التاريخ الإداري لدولة الكويت، حيث ان هذا التاريخ لم يكتب بعد، وتاريخ البلدية أيضاً يمثل حركة التاريخ للمجتمع الكويتي في ثلاثينيات القرن الماضي وهو استحضار لذلك الماضي العظيم لجعله أساسا لأي مشاريع تهدف إلى تحقيق التنمية والتطور بالإضافة إلى أنه يمثل اعتزازا بالجيل السابق.
وهكذا يمكن الاستفادة من تجارب الأوائل واستعدادهم للبذل والعطاء، هذا من ناحية والبحث عن حلول من الماضي للحاضر وكذلك المستقبل لأن التاريخ يعرف بأنه «الحاضر من غرس الماضي والمستقبل من جنى الحاضر».
ومن حركة التاريخ يمكن اما إصلاح الخلل في وقتنا الحاضر اعتمادا على الماضي أو النظر في المستقبل من أجل بناء الأمة بناء حقيقياً قائماً على أساس متين.
نشأة البلدية
ويشير د. الغضبان إلى أن نشأة بلدية الكويت في سنة 1930 باقتراح قدم من الشيخ يوسف بن عيسى القناعي للشيخ أحمد الجابر الصباح رحمهما الله بعد أن قام بزيارة للبحرين اطلع خلالها على نظام البلدية هناك واعجبه ما رأى وتمنى أن ينفذ ذلك في الكويت.
وكانت مهامها بداية: الاهتمام بالصحة وأمور المجتمع.
وفي سنة 1931 صدر أول قانون لبلدية الكويت، حيث حدد عدد أعضاء المجلس و12 عضوا ورئيس من الأسرة الحاكمة.
وبين من لهم حق الانتخاب وتطور على المجلس إلى التخطيط والتوصية والرقابة، وقبل نهاية الثلاثينات ظهرت وظيفة مدير البلدية ووظائف أخرى متصلة بها وتطورات مهام البلدية لتشمل العديد من الخدمات والامور الفنية.
وحددت في ذلك الوقت الشروط الاساسية للترشح لعضوية المجلس البلدي ونظمت عمليه التصويت حيث حددت فترة الانتخابات بـ 12 يوما والجدير بالذكر ان الشيخ احمد الجابر حاكم الكويت السابق وضع كل ثقله لتسهيل قيام البلدية بواجبها.
المجلس البلدي عام 1938
واضاف د. موسى بأنه في عام 1938 تم انتخاب المجلس التشريعي والذي استمر ستة شهور فقط حيث اصبح هذا المجلس مهيمناً مع مختلف مجالس الخدمات ومنها المجلس البلدي الذي قلت صلاحياته واصبح بعض اعضائه اعضاء في المجلس التشريعي ودون الجمع بين العضويتين وكان مجلس 1938 هو المرجع الأخير لقرارات المجلس البلدي.
واعتباراً من عام 1940 ظهر الجهاز التنفيذي للبلدية وتطور الجهاز الإداري وظهرت وظائف جديدة في بلدية الكويت ومنها رئيس الكتاب ونائب المدير وهيئة للكشف على البيوت ورقابة دفاتر الحسابات والرسوم والضرائب وتطورت رواتب الموظفين وشكلت في عام 1947 لجنة للنظر في جداول رواتب الموظفين.
البلدية في خمسينات القرن العشرين
وقال د. موسى بانه اعتباراً من عام 1950 حيث تولى الحكم الشيخ عبدالله السالم وظهرت معه الدخول البترولية المرتفعة واتجاهه لبناء الكويت بناء عمرانياً وقانونياً وإدارياً حيث قررت تأسيس العديد من المجالس التي تأخذ على عاتقها تطوير الكويت وتنفيذ البرامج العمرانية والاجتماعية والاقتصادية والعمل.
أهم هذه المجالس هو مجلس الانشاء والذي ظهر في عام 1952 باقتراح من «المستر كرايتون» خدمة للشيخ عبدالله السالم وكانت مهنته الاساسية تخطيط البلاد ودراسة مشاريع التنمية في الكويت في ظل الطفرة المالية.
وكان هذا المجلس من الناحية السياسية محاولة تخفيف التدخلات البريطانية في شؤون البلاد الداخلية ومحاولاتها لتعيين مستشارين بريطانيين في الكويت «المالية- الشرطة- الجمارك» وغيرها وكلها باءت بالفشل أذ لم يوافق الشيخ على تعيين مثل هؤلاء المستشارين حيث كان الشيخ عبدالله حصيفاً في ابعاد النفوذ البريطاني عن دوائر الدولة.
وكان هذا المجلس بمثابة اول جهاز للتخطيط المركزي في الكويت وقد قلص مجلس الانشاء صلاحيات المجلس البلدي بل واصبح بعض اعضاء المجلس البلدي اعضاء في المجلس الجديد.
قوانين بلدية الكويت
وتطرق د. الغضبان إلى قوانين البلدية قائلاً بإنه صدرت مجموعة من القوانين المنظمة للعمل البلدي منها قانون سنة 1954 والذي اعطى البلدية أهمية وكذلك نظم العمل الإداري والفني فيها.
وأصبحت البلدية وفقا لهذا القانون شخصية حكيمة ذات استقلال مالي وظهرت وظيفة رئيس البلدية وظهرت وظيفة الجهاز التنفيذي والدائرة الفنية وظهرت في تلك الفترة لجان لإصلاح البلدية «لجنة 1954» برئاسة الشيخ فهد السالم «ولجنة 1955» برئاسة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الصباح.
اما في اواخر الخمسينيات فقد تقلصت مهام البلدية.
ثم صدر قانون البلدية لعام 1960 حيث استعادت البلدية بعض اختصاصاتها وحددت مهام البلدية وفقا للقانون لتناسب تلك الفترة حيث كانت الكويت تستعد لاعلان استقلالها خاصة بعد صدور الدستور 1962 والذي زاد عدد اعضاء المجلس البلدي الى 14 عضوا اما في عام 1963 فقد حلت اللجنة المركزية بدلاً من المجلس البلدي الذي الحق بمجلس الوزراء في تلك الفترة.
وفي يومنا هذا لابد من الاهتمام بالجانب البلدي واعادة هيكلة العمل البلدي نفسه ليتناسب مع العصر ولابد من صياغة نظام جديد يأخذ بالحسبان دور البلدية في دول المتقدمة حيث تتولى الكثير من المهام الداعمة لتحقيق الازدهار والتطور في بلدانها.
ويمكن تلخيص الأفكار سالفة الذكر بنظرة لمستقبل البلدية في الكويت ونخص بالذكر هنا الاهتمام بالمخطط الهيكلي للدولة، وعلى النحو التالي:
< كانت البلدية في الماضي مسؤولة عن المجتمع في داخل السور.
< الآن البلدية عن اقليم الدولة بكامله.
< لابد من اعادة صياغة نظام جديد للبلدية يأخذ بالحسبان وضع دور للبلدية المركزية ليتناسب مع العصر.
< في ظل الزيادة السكانية «3 ملايين نسمة».
< التطوير للمستقبل وفق حسابات معينة.
< «إعادة هيكلة العمل نفسه».
< البلدية لها صلة بخدمات الدولة كلها.
< التخطيط للمجتمع وللعملية التنموية برمتها لان الإنسان هو الهدف.
< كل هذه التساؤلات يجيب عليها المخطط الهيكلي للدولة. حيث صدر المخطط الهيكلي الاول الذي وضعه «سبنسلي ومانبريو» وقدم للشيخ عبدالله السالم في عام 1952 في عهد مجلس الإنشاء.
< المخطط الهيكلي الثاني: وضعه بوكانن «1968» ولم ينفذ الا في عام 1971 «وضعه مجلس التخطيط».
< المخطط الهيكلي الثالث: وضعه بوكانن ايضا «الخطة القومية» آخر مخطط هيكلي: تم وضعه سنة 2004.
< كل ذلك لم يأخذ بالحسبان النظرة الى المستقبل ومشاكل اليوم ناتجة عن ذلك.
< لابد من تفعيل دور البلدية حاليا أسوة بما هو موجود في بلدان العالم المتطورة.
< البلدية ونظامها على مر العصور ظاهرة ديمقراطية مستمرة في تاريخ الكويت قائمة على الشورى والانتخاب.
يغادرنا الدكتور موسى الغضبان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وذلك للمشاركة في مؤتمر الملاحة البحرية في الخليج العربي والذي تقيمة دائرة الشيخ سلطان القاسمي وجامعة الشارقة بإمارة الشارقة.